إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأربعاء، 27 أبريل 2016

عن الفن و الحداثة: مقارنة غير مكتملة بين النور حمد و عبد الله علي إبراهيم

هيغل، كما يخبرنا سلافوي جيجاك، بدأ منذ وقت طويل في التأريخ للحداثة، أحد أشكال هذا التأريخ هو تلمسه وصول الحداثة في الفن. مثلا فالبنسبة لهيغل فإن تحول موضوع الفن من الإنسان للطبيعة (النقلة من المنحوتات الجامدة للإغريق و المصريين إلى رسومات الفواكه و المروج لفان جوخ و التي تبدو ساذجة بشكل مضحك أحيانا) هو علامة على وصول تعقيد الفردانية للفن. بالنسبة لهيغل فإن موضوع الفن بالنسبة للإنسان الحديث هو الفنان نفسه و ليس العمل، لذلك فإننا بدل أن نركز على العمل ننزع في عالمنا الحديث للتركيز على الفنان، و كل الأعمال التي تذهب بعيدا عن صاحبها كأشياء قائمة بذاتها هي مجرد منحوتات إغريقية ما قبل حديثة، و في الغالب هي أشياء مملة لا تثير الإهتمام، كافكا مثلا يجذب الإنتباه أكثر مما يكتب، و حالما تبدأ في قراءة رواية دويستوفسكي "الأبله" بدون أن تفكر في أن ما تقوم به هو رؤية الحياة من وجهة نظر دوستيوفسكي فإنك ستشعر بالملل، فالأمير ميشيكن هو بالفعل مجرد أبله يقوم بأشياء عادية ليس فيها أي تشويق، أعتقد أنه في هذه الرواية هنالك لحظتان بارزتان أكثر من غيرهما، الأولى عندما يحاول ميشكن التعبير عن حبه اللحظي لناستاسيا، و الثانية عندما يشرح بشكل مفصل نوبة الصرع التي إنتابته، و في كلا الحالتين فنحن بدل أن نسمع قصة ما فإننا نسمع قصة كتبها فنان، يحكي بوضوح عن نفسه.

الأيديولوجيا والطبقة الوسطى عند خالد موسى

رابط مقال خالد موسى - الطبقة الوسطى و مقايضات السلطة في السودان


أعتقد أنني بصورة عامة أنتمي لجيل لم تتح له أي فرصة لتكوين رؤية واضحة عن الواقع، أو ما يسميه فريدريك جيمسون "تنظيم ذهني" Cognitive Mapping، و ذلك بالمحصلة نتيجة لسيطرة أيديولوجيا العداء الهمجي للإسلام السياسي داخليا، و وجود إعلام خارجي لا مصلحة له، بالمجمل، في توفير مثل هذه الخدمة للناس (أعني منح الناس أدوات تحليل رصينة للواقع). مثلا، سيتحول السؤال: ماذا حدث للثورة المصرية (أو السورية)؟ لمساحة للغط لا نهائي، و قراءات تاريخية تعتمد على الصدف التاريخية المتلاحقة لا على أي نوع أو آخر من التحليل الواضح. و يبدو و كأنه يراد لهذا الشكل الدائري للثقافة و الفكر أن يستمر إلى ما لا نهاية، و بالتالي أن يستمر الوضع الراهن كما هو.

الاثنين، 18 أبريل 2016

أن نبدأ من البداية *

يتذرع أعداء الإسلاميين في السودان بأن الموت الكامل للسياسة سببه تفرد الإسلام السياسي بالسلطة، يشيع مثلا أن يقال بأنه لا يمكن لوم أية معارضة في دولة شمولية على ضعفها، فالمعارضة هي إبنة الدولة الديمقراطية، تزدهر مع إزدهارها.

عن الفيلم "رووم": الحرية و الغرفة

أعتقد أن أحد أسئلة السينما غير المجاب عليها في عالمنا الحديث هو السؤال التالي: كيف يمكن تصوير الحروب الإثنية في أفريقيا؟ تلك الحروب، التي هي من اللامنطق و العشوائية بما يجعلها عصية تماما على الخيال. إحدى محاولات الإجابة على هذه المشكلة تظهر في تجارب التصوير الواقعي البحت للحرب. على سبيل المثال فإن الفلم War Witch، و هو أحد الافلام التي تم ترشيحها لأوسكار أفضل فلم أجنبي عام 2013، سعى لخلق ذالك التجسيم المؤلم للحرب. و أنت تشاهد الفلم فإن الفكرة تكون واضحة تماما: يجب أن تصوَّر الحرب كما هي فعلا؛ فرق الإبادة الجماعية تهجم على القرية، يتم صف الرجال و النساء و قتلهم بكل بساطة و إحراق القرية، ثم تحدث أشياء أكثر قسوة... و هكذا حتى نهاية الفلم.

تعليق على مقال مامون التلب "بُرجم.. أو ألفية تدشين السلطة الفردية"


أولا، أظن أنه من المفيد ملاحظة أن مامون يكتب المقالة متفائلة و جيدة بأفضل بكثير مما يكتب الشعر.


الرجل لديه موهبة في محاولة عيش الثقافة. بدل النزعة المبطنة لدى أغلبية "المثقفاتية" للتعرف على الثقافة تحديدا ليحيدوها في النهاية. ليتخلصوا منها بأكثر مما يفعل الناس العاديون.

دفاعا عن السياسة: مع آلان باديو إلى نهاية العالم

دفاعا عن السياسة...

(2) مع آلان باديو إلى نهاية العالم

هذا العبور بالسياسة من فضاء الإجبار الأخلاقي التقليدي، ذلك الفضاء المليء بالتشنج و الكراهية، إلى حقيقة أنها مساحة خلق الجديد، الجديد الذي "نتوق إليه"، "نتحمس في بهجة لرؤيته". ما أن نحقق هذه النقلة حتى نجد أن تعريف السياسة على أنها "فن الممكن" لا يمكنه أن يستوعب "سياسات التحرر الجذرية".

دفاعا عن السياسة: من الواقع إلى الشعر ثم السياسة

دفاعا عن السياسة..

(1) من الواقع إلى الشعر ثم السياسة

حدثت لي هذه التجربة الجيو/نفسية -إن صح التعبير- مؤخرا: قضيت عاما كاملا خارج السودان، أو خارج الخرطوم تحديدا، هذه المدينة هي كل ما أعرفه من السودان، ثم عدت لأجد كل شيء كما كان. أولا يمكنني أن أصف حالة الحب الجدلي للمكان عندنا نحن السودانيين، من وجهة نظري على الأقل: يرتبط حب المكان عندنا بموقف مفارق في نفس الوقت، كره ساخر و حاد له، الخرطوم هي المدينة الوطن، شارع النيل "و حلوة بناسها".. إلخ و لكنها كذلك مدينة الأشباح، قاتلة الأحلام، المملة بتكرارها و لا-هويتها. كما أنه لأي سوداني موقف ساخر أصيل من كل محاولة لرفع المكان لتلك المرتبة التي نسمع عنها فقط في الجرائد و عند المثقفين: "الوطن".

عن الفراق و الحب و الحرية

لا يمكن عدم ملاحظة العلاقة بين فكرة شوبنهاور "كل فراق تذكر للموت" و بين إحتفائه بالموسيقى على أنها أعلى درجات الفن. بالنسبة لشوبنهاور فإن حقيقة أن الموسيقى لا تستند على أي جذر فكري، على أنها تستند على العدم مباشرة، تخرج منه و تعود إليه، هي بالتحديد ما يجعل للموسيقى كل هذا الأثر على الإنسان.

عن الواقعية و الإسلام السياسي

ماذا يعني أن يكون الإنسان واقعيا؟

عن الفيلم "بويهوود": حاول أن تنساه!

شيء واحد واضح تماما؛ ستفشل علاقة الحب التي ستجمع نيكول و مايسون.

عبد الخالق محجوب: تاريخ غير رائج

ما هو الفرق بين محمود محمد طه و عبد الخالق محجوب؟

عن الفيلم "أولدبوي": جمالية الظاهرة، و سخافة الجوهر

أحد أكثر الأفلام روعة هو الفلم The pervert guide to ideology الذي يقحم فيه جيجاك نفسه داخل مجموعة من الافلام مقدما تفاسيره غير التقليدية لأحداثها، عندما نصل للفلم Brief Encounter يوضع المشهد التالي أمامنا:

العودة

في مقارنة بارعة وضع إدوارد سعيد الحالة الثقافية المسماة ما بعد الحداثة، و مدرسة ما بعد الإستعمار، وجها لوجه، الأولى حسب أحد أهم تعريفاتها هي حقيقة أنه ليس هنالك إمكانية لإكتشاف/خلق أي حرية جديدة، أما الثانية فهي المدرسة الثقافية التي تدرس الإستعمار و الإستعمار الجديد في محاولة "للتحرر" منه، إن الفرق يكمن في أنه بالنسبة للثانية فإن مشروع "الحداثة" نفسه لم يكتمل بعد، و ما يقف في طريقه هو الإستعمار.

مجرد أربع قصص

-1-
جلسنا أنا و هي على شرفة مطلة على الأبيض المتوسط، لا يدري المرء هل غاب ذهنه مع نسائم الهواء أم مع إمتداد البحر في لحظات الحياة القليلة التي نشعر فيها بأن كل شيء بعيد عنا إلا ما نحب، نظرت إليها و كانت هي الأخرى قد رحلت بعيدا بين صفحات كتاب ما، إلا أنها بدت جميلة بشكل مثير و هي تبدو مركزة على عوالم أخرى و شاردة عن عالمي، و اللحظة كانت ساحرة لأنني كنت أعلم أنها كانت تشعر مثلي بأننا وحيدان تماما في العالم. 

في تذكر العم

بالنسبة لإدوارد سعيد فإنه هنالك إشكالان ثقافيان يجب تجنبهما، الأول هو الإستشراق، و هو النظرة المتحيزة ضد الشرق في الثقافة الغربية، و بشكل عام فإن أي رؤية ثقافية تعطي "جوهرا" ثابتا غير مفسر لأي شعب أو مجتمع ستؤدي لنوع أو آخر من التحيز السلبي ضده، كالقول بأن الأفارقة لديهم جوهر معادي للحضارة مثلا، و قد توقع سعيد بأن الإستعمار لن يكتفي بالإستشراق كمنهج علمي خاطيء لفهم مجتمعات الدول المستعمرة، بل سيقوم بمرور الوقت بترسيخ هذه الرؤى المغلوطة لتصبح المنهجية التي يستوعب بها المتعلم المستعمَر نفسه و مجتمعه بها، خاصة تلك الأفواج من النخبة التي ستذهب للتعلم في أمريكا، و اليوم بالفعل فإن التحليل الإجتماعي الطاغي هو ذلك الذي يتبنى الفكرة التي ليس لها أي أصل بأنه لإنسان العالم الثالث تكوين ذهني مختلف (أو جوهر) يجعله يتأخر عن ركب الحضارة.

السجن - قصة قصيرة

قبل خمسة عشر عاما توفيت أختي الصغيرة نور في حادث سير، و أدى ذلك لأن يدخل أبي السجن و يموت فيه قبل عامين، إنني أجلس هنا في هذا المكان من الحافلة كلما كان ذلك متاحا لأنني على ما يبدو قد ألفت التكرار، اليوم ذكرتني إحداهن بأبي، كانت تقف مع شاب في طرف الشارع في إنتظار حافلتنا، و يبدو أنها كانت تحبه، فعندما توقف الإثنان عن التحدث مبتسمين و تحرك هو قبلها نحو الحافلة لم تتوقف عن النظر إليه و على وجهها إبتسامة طفل غاية في الرقة، قبل أن أنزل من الحافلة إلتفت نحوهما عدة مرات، فهما مثل كل العشاق كانا جميلين.

سينما تحررية

اكثر ما يميز سلافوي جيجاك هو تورطه الحقيقي في الثقافة كمنهج حياة، يظهر ذلك ربما و بصورة لطيفة في كونه يجسد باساليبة المثيرة للسخرية نظرية جاك لاكان التي يحبذ سلافوي نفسه ان يتطرق اليها دائما: لا يملك الانسان المتحرر من تقيدات الانا العليا، او في مصطلح لاكان "The big Other"، لا يملك عصا ليتكئ عليها في اثناء مسيرة الحياة، و اذ يتجلى ذلك حتما كنوع من التراجيديا، فان الاهم هو مسحة السخرية الاصيلة للغاية التي تصبح ملازمة لذلك الانسان، مهما كان ما يقوم به مهما.